مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


الحركة الاسلامية وآفة السرية

مغربنا 1 المغرب 

العمل التنظيمي السري وفي غياب فعل ثوري حركي يومي في الميدان ، يحول التنظيم إلى ضيعات مصالح ونفوذ ولو على المستوى المعنوي .. إن غياب الفعل التغييري الحقيقي يجعل مساحة اللغو كبيرة وتتوسع ، وتحت عنوان السرية وخطورة المعلومة يصبح من السهل التشكيك في من يتجرأ على السؤال ، و يطلب المعلومة ، ويمكن اتهامه ورميه بكل الشبهات حتى الأمنية والاستخبارية منها .. هي واجهة لتأمين احتكار القيادات التنظيمية لعلاقاتها وتحركاتها بعيدا عن أي برنامج او خطة ، و بعيدا عن أي محاسبة .. هي مقولة ، المعرفة لا تعطى حسب الطلب وإنما حسب الحاجة .. وإذا أضفنا عنصر الدين والثقة والإيمان ، تغلف القرارات بقيام الليل و مسوح الإيمان حتى تكتسب قدسية أكبر وحتى لا يجادل فيها أحد .. من كوارث الحركة الإسلامية إحاطة كل شيء بشرا و مواقفا و أحداثا وأخطاء ، إحاطتها بقداسة الايمان والدين و تجريدها من إمكانية الخطئ كما عند كل البشر الأسوياء .. انها بداية خلق جيل من المنافقين والمرائين والوصوليين من خلال طاعة القيادات على كل المستويات .. مصيبة المصائب حين تنتقل من موقع إلى موقع ثاني أو من مدينة الى مدينة وتكتشف أن أمور من تحسبهم قيادات ومعلوماتهم مستباحة للعامة حتى ، و يكفي باش تدير دورة في جوطية الحركات والتنظيمات والطلبة خاصة والجمعيات لتجمع أخبارهم بالكيلو .. والمعلومات التي منعت عنك دهرا وأنت في الفيافي هي فعلا معلومات قديمة يمتلكها صبيان التنظيم .. إنها السرية عندما تكون أداة في أيادي تنظيمية غير صادقة وغير آمنة وغير مبدئية مهما تشدقت بغير ذلك .. هل نعلم أن رجالا قضوا سنوات طويلا في التنظيم دون أن يعرفوا حقيقة اسم المسؤول الوطني للإختيار الإسلامي مثلا .. وهذا يفتح مجال التمثل لشخصية القيادي الذي يدير دفة حركة ثورية تعتمد ادبيات منظمة التحرير الفلسطينية في زمن اختطاف الطائرات و العمل الثوري المسلح إضافة للتجارب التي تعتمدها الحركة في أدبياتها التثقيفية و في مقدمتها نموذج حركة التوباماروس وما أدراك ما أمريكا الجنوبية وتاريخ لاهوت التحرير ومعانقة الدين للماركسية والتحام الكنيسة بقضايا الفققراء كما هي تجربة الأب روميرو .. عندما يتعلم عضو التنظيم هذه الثقافة وتقنيات الحركات المسلحة ، أليس من حقه أن يعتقد أن حركته وكما يوحي له كل مسؤول هي حقيقة حركة مسلحة و الثورة قاب قوسين أو أدنى ، وغدا سيستفيق المغاربة على انتفاضة كبيرة و لم لا حركة مسلحة تطيح كل مؤسسات الواقع الإكراهي النقيض لآمال و احلام المستضفين .. هي الاحلام كبيرة حقا حد الهلوسة .. لكنها سرعان ما ستسقط عند أول مواجهة لحقيقة النقد والإختلاف وتدبير كل المتناقضات التي كانت تعج بها الحركة .. وستظهر بعدها حقيقة القيادة مجرد رجال عاديون جدا ، بل أحيانا قد يكونون أقل من أن يتبوؤوا أي موقع بسيط في هرم أي حركة أو تنظيم ، لكنها الأسبقية و قانون الزمن و لي سبق يشد الكرسي الاول .. وهذا لا يطعن بتاتا في أي شخص فعلا من حيث الأخلاق والطباع و النيات .. هو حديث في جسامة المسؤولية و التكليف و المشروع الذي نقدمه للناس .. وربما هذا من أسباب فشل كل محاولات الوحدة مع الفصائل الأخرى بداية التسعينات .. مجرد شباب وخطاب كبير لا يقبله عاقل فعلا .. هو أقرب لدغدغة عواطف وأحلام وانتظارات فئات عمرية معينة .. وربما هذا ما يفسر الأعداد الكبيرة التي مرت بداية من الحركة لتنقل بعد فترة للانضمام غالبا إما لإخوة العدل والإحسان أو الجماعة اللاسلامية .. كيف نفسر أن منطق الإقناع من طرف إخوة الإختيار الإسلامي والذي ساد جولات الحوار خلال ماراطون التهييء لوحدة المجموعات الإسلامية بداية التسعينات ، فقط لينتهي بإقصاء حقيقي للحركة بينما اندمج كل الاخرين .. كل ذي عقل يجب أن يخاف من منطق السرية و التقية الذي قد يورط الجميع .. الشخصيات المحاورة لم تكن مقنعة فعلا .. أما حديث القيادة الثلاثية فهبة ربانية لا يعرفها إلا الراسخون في القرب و المودة و الحب والصحبة والولاء وداكشي د العشرة .. لا أحد كان يعرف حقيقة ما يدور في القيادة .. مهندسون وأساتذة وعمال وطلبة وأنا المسؤول الجهوي للحركة في بني ملال ، ولا احد منا يعرف كيف هو شكل المسؤول الوطني السي المرواني ، بينما مجرد الإنتقال للعمل في مكناس جعلني أصدم بكون مجموعة تلاميذ و طلبة قليلون يعرفون تفاصيل السي المرواني و السي الركالة و السي المعتصم .. عادي و بزاف فعلا .. بل كانوا يجعلونهم يزورونهم للنقاش و الإقناع بشكل طبيعي ونحن هناك أسفل سافل المعلومة والأخبار التي تصلك عبر قناة واحدة من الرباط ، فقط عبر شخص واحد ووحيد قد ينقطع عنك شهورا وربما سنوات .. التخربيق فعلا .. هل يعقل أن تكون حركة كاملة على شفى الإنهيار والتفجير الكامل الذي لن يتأخر طويلا قبل انشقاقات الإختيار الإسلامي إلى بديل حضاري وحركة من أجل الأمة ، وهما معا مجرد هلوسات تنظيمية حقيقية ميكروسكوبية لم تصمد أمام تحديات الواقع السياسي للبلد والعالم .. كي تتقلص وتختفي تقريبا من مشهد التنظيمات الحقيقية .. ومع هذا ظلت أماكن ومواقع في دار غفلون حتى تفاجأت بوفود الإخوان المفاجئة وزياراتهم المكوكية و كل يخبئ جيوبه التنظيمية الإحتياطية .. يكفي أن نذكر كيف تم التعامل مع القطاع النسائي مثلا وإلى أين انتهى مآله .. أصبحت القرابات و الصحبة والعلاقات العصبية والشخصية هي الحاسمة تقريبا و ليس المبدء والقناعات والبرنامج .. وللاشارة فقط يستحيل ان يوجد هناك تنظيم اسلامي دون مساحة للسرية فيه والتحكم في المعلومة والبرنامج والخطط و الممتلكات ؟؟ 

ونعيد السؤال .. هل السرية الحركية والتنظيمية شرط للتغيير ؟ هل السرية التنظيمية قدر التنظيمات التغييرية والإسلامية منها على الخصوص .. كيف تواجه حركة ما واقعا تعتبره غير إسلامي على أقل تقدير ، إذا لم تعتبره جاهليا كافرا مع استعمال كل وسائل التقية الممكنة .. الحركة الاسلامية المعاصرة ومنذ تأسيسها قدمت إسلاما يناقض الدولة الحديثة بكل ما فيهاوهو ما قاد أغلب التجارب الحركية إلى الدخول في مواجهات مع أنظمة انتهت بمآسي حقيقية ومجازر وانقلابات .. من مصر لسوريا للجزائر ثم وادي الدماء في ربيع العرب الزفت وما انتهى إليه من تقسيم المقسم و تجزيئ المجزء وفتنة بدأت و لن تنتهي ابدا .. وكلها تقتات من فهم الإسلام الجهادي ولغة القتل والسحل والبتر .. إسلام سيف و حرب يعيش داخل لغة المواجهة بما يقتضي من تنظيم و تخطيط أولى أبجدياته السرية الحركية .. فهل هذا هو الفهم الوحيد والممكن للإسلام ولا خيار لنا كشعوب إلا أن نرتهن للموت القادم إلينا و لو تأخر .. أم أن هناك إمكانية حقيقية لخيار إسلامي مدني إنساني وديموقراطي وواضح عند الجميع .. وهل يحتاج الأمر إلى نخبة إسلامية تطيح الأصنام الزائفة في الفكر الإسلامي و مسلماته التي قد لا تكون مسلمات إلا باعتبارها بنت زمن التخلف الإسلامي الذي عمر قرونا ولازال بكل منتجاته تقريبا إلا ما ومنرحم ربك .. أليس البوح شرط المعافاة ؟ هو إذن كلام على سبيل البوح فقط لعلنا نعري المناطق المتعفنة في جسدنا المريض .. لعل أخرين غيرنا ينتبهوا إلى استفحال سراطانات حركية و تنظيمية و مفاهيمية و برنامجية ، تنخر كياناتهم دون أن يتجرأ أحد على الصدع والاحتجاج ، مخافة التهمة .. قاليك .. اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور .. تمة بقى تم اجمد تمة اسكت تمة مووت يا صاحبي .. فلنقل ما في الصدور لعلنا نصحح ما في الصدور .. وسلام لكل الذين نختلف معهم ونظل نشاركهم المحبة و الانسانية ، قبل أولئك الذين نتفق معهم ..



شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.