مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


من داخل التجربة .. الحركة الإسلامية المغربية زمن الكفاح الثوري !!

مغربنا 1 المغرب 

الحركة الإسلامية والعنف الثوري .. هل كان أي عاقل ليصدق أن مثل هكذا فكرة يمكنها أن تنجح في المغرب مثلا ؟؟
بين الفينة والأخرى يطل التاريخ والتجربة من داخل مجاهيل النفس والعقل والروح .. ربما هو الحنين للبدايات .. ربما هو الأسف لكل هذا الخراب .. ربما الندم على ما ضيعنا من زمن وطاقة وجهد .. من أجل لا شيء .. بالمقياس السياسي .. وربما بكل المقاييس سوى المقياس الأخلاقي ..
هل كان من الممكن أن أنضم لحركة جند الله الإسلامية في قلب الثمانينات لو لم أكن على يقين أنها حركة تؤمن في خياراتها بالكفاح المسلح .. أكيد لا .. ألف لا ..
جند الله الحركة الاسلامية أو الاختيار الإسلامي .. الفصيل الحركي القادم من شظايا حركة الشبيبة الاسلامية .. ما الذي كان سيميزه عن الجماعة الاسلامية الواضحة في اختياراتها السياسية من البداية وهي التي تؤمن بفكرة الإصلاح من داخل المنظومة كما كل حركة الإخوان المسلمين .. وماذا عن جمعية التبين ورمزها السي عبد الرزاق المروري الله يرحمو ؛ وخط البين بين والانتظارية حتى ينزل سيدنا قدر ليتبين معهم .. المنهاج النبوي درسناه داخل المجالس التعليمية لأسرة الجماعة أي العدل والإحسان لاحقا .. لم يكن زمن الإحتماء بمظلة السي عبدالسلام ياسين طويلا في الزمن وهو يوضح موقفه ضد العنف وضد السرية وهما بالنسبة لي كانتا من ثوابت أي فكرة تأسيسية نحو التغيير في أي مجتمع نرفع شعار التغيير فيه .. هكذا كنا نحن على الأقل ..
في جند الله والاختيار الإسلامي ، وضوح الفكرة وكبر حجمها وجذريتها يغري فعلا أن تصبح جنديا بلا نياشين ولا بدلة عسكرية ولا ثكنات .. لكن مخيلتك في مخيخها الخلفي تظل تداعب المسدسات والبنادق وأنواع السلاح .. في مخيلتك فقط دون أن تنتقل خطوة واحدة نحو الأمام .. وتنزيل هذه الأحلام إلى واقعك الملموس ..
نحن وسط الثمانينات زمن الثورة والثوار في العالم .. ولذلك هناك من كان يسمي الإختيار الإسلامي بالخط أو الإتجاه الثوري .. وقد يختلط عنوان ٱخر أكثر تساؤلا وشبهة أنذاك بالتمغرابيت .. الإتجاه الرسالي .. في إحالة للتشيع والثورة وخط الكفاح المسلح .. ولذلك لا عجب أن يكون النسق الفكري الذي يؤسس للحركة أنذاك خليط من تجربة منظمة التحرير الفلسطينية وتجربتها النظرية والميدانية في المقاومة والميدان .. بل قد يتعداها إلى تجارب حركية مسلحة في أمريكا اللاتينية كحركة التوباماروس مثلا التي كانت بعض الأدبيات حولها تتداول في المنهج الثقافي للإختيار الإسلامي .. وما أدراك ما التوباماروس في الأوروغواي وكل أمريكا اللاتينية .. زمن منظمة الدرب المضيء وما كنا نعشقه في أدبياتنا من عناوين لاهوت التحرير عندما يلتقي الإنجيل بالكلاشينكوف .. فكيف لا يلتقي القرٱن بالبندقية .. من لا يعرف الأب أوسكار روميرو في السلفادور ؛ الذي اغتيل في 24 مارس 1980 .. الثمانينات .. زمن الانقلابات العسكرية والزحف الاشتراكي الشيوعي .. الإمام الخميني يخرج سيف الإمام الحسين مدرجا بدماء كربلاء من القرن الأول ويطيح بشاهنشاه إيران رجل أمريكا الأول في كل المشرق ليندمج حلم التغيير بمنهج لاهوت التحرير وعناوين الاسلام الثوري حاضرة والتجربة الايرانية واضحة النجاح .. وحزب الله يزداد حجمه وعملياته .. زمن الطائرات المخطوفة وتبادل الأسرى .. تجربة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حاضرة وعملية ميونيخ لا يمكن أن تنسى .. شاب من مقاتلي حزب الله الفتي يفتتح زمن الإستشهاديين في بيروت ويفجر مقر المارينز الأمريكان الذين سيفلون بليل كما القوات الفرنسية في لبنان الذي كان لحظتها يعيش مأساة مخيمي صبرا وشاتيلا وبيروت بستبيحها المجرم شارون الصهيوني .. إنه زمن التجييش الثوري وزمن الأفكار الكبرى والاستعداد للتضحيات الكبرى .. هكذا كنا نفكر ونحس ونستعد ولو نظريا .. هكذا تم استقطابنا في البداية بكل هذه الرومانسية الثورية الحالمة .. وهكذا سنتدرج داخل الحركة وسنستقطب شبابا وشابات رجالا ونساء كثر .. سنقنعهم بنفس الطريقة الملتبسة لكنها مغرية حقا .. ومطروزة عاطفيا وعقديا حتى تكتمل بداية الانضمام للحركة في جلسة العهد .. وهي جلسة خاصة قد تأتي بعد سنتين أو ثلاثة من الإنتساب العاطفي والحركي الذي لن يتحول إلى انتماء تنظيمي إلا مع جلسة العهد التي تكون حاسمة في تاريخ وفكر الأخ أو الأخت باكتمال نضجه النفسي والسياسي والثقافي والحركي والأمني كي يصبح عضوا في حركة الاختيار الاسلامي ..
كانت للحركة تخريجة مميزة في سؤال الموقف من المذاهب وعن السنة والشيعة بإعلان واضح أن المذهب الجعفري هو المذهب الخامس للمسلمين ، وعليه فمن أراد أن يتعبد الله بفقه الامام جعفر الصادق عليه السلام فله ذلك ومن اراد فقه الامام مالك فله ايضا ذلك . هنا اختلطت المدارس داخل المدرسة .. يصلي القادم من دور القرٱن في مراكش جنب من ياتي من مدرسة المرحوم عبد العزيز بن الصديق من طنجة الى جانب القادمين من تجارب القاعديين والشيوعيين الذين سيتحولون الى الاسلام قناعة سياسية ثورية قبل العقيدة .. وهنا أدبيات السيد حسين فضل الله من قلب شارع الحمرة في بيروت .. هنا مجلة المنطلق والعالم وبعدها سيتدفق السيل .. هذه الشرمولة ستعطي تميزا فكريا حقيقيا سيتجلى واضحا في أدبيات ومواقف طلبة الاختيار الاسلامي داخل الجامعات المغربية وخاصة عندما سيعلنون عن فصيلهم الطلابي داخل الجامعات .. طلبة الميثاق .. بداية التسعينات ..بداية التسعينات هي زمن خطوات ومحاولات الوحدة الاسلامية التي ستخوض نقاشاتها الى جانب كل التنظيمات الاسلامية انذاك ،، القيادة الثلاثية للتنظيم .. وإرهاصات حزب الوحدة .. سيفشل مشروع الوحدة معنا .. وسينجح عندهم فيما سيسمى رابطة المستقبل وسيتحول لاحقا إلى حركة التوحيد والإصلاح .. ومعها سيكبر حجم الاختلافات داخل حركة الإختيار الاسلامي وستظهر المبادرة التصحيحية .. وبعدها المؤتمر والمؤتمر واللقاء وألف لقاء .. ثم كان الله الباقي الله .. تظهر حركة ثم حزب البديل الحضاري وجريدة الجسر وتدشين زيارة طهران التي كانت لها ألف قراءة من داخل الحركة ومن خارجها .. وبعدها سترى النور الحركة من أجل الأمة وجريدة النبأ ، تستمر مشاريع البصيرة بلا بصيرة .. وإعلان بداية النهايات .. نعم كانت مقومات التشرذم والإفلاس التنظيمي مزروعة منذ أول فكرة لتأسيس الجند .. سيميل البعض في اتجاه التشيع بكل ألوانه المرجعية .. وسيتطرف البعض في اتجاه الخط السلفي حتى السلفية الجهادية منها .. هل يعقل وهل يمكن أن نتخيل أن يحضر في مؤتمر للحركة من أجل الأمة وجه للتطرف السلفي وهو المدعو الشيخ حسن الكتاني إلى جنب السي محمد طلابي التائب القادم من منظمة العمل الديموقراطي الشعبي الخارجة لتوها أنذاك من انشقاق ماكان يعرف بأوطيل حسان ، .. إنه الضياع النظري .. ومعه الضياع التنظيمي .. ضياع مذهبي ..
طبعا ولا واحد شاف بندقية ولا خرطوشة ولا حس رصاصة حقيقية طول عمرو باستثناء لعب عاشوراء .. هلوسات فقط .. سرية وسرية وأنت مكشوف للعالم ..
إنها نهاية النهايات ..
واحق مولانا وبكل منطق وبمعيار زمن التنظيمات والحركات .. كانت تخربيقة كبيرة رغم بعض إيجابياتها في عناوين ناذرة .. اختفت القيادات وضاعت وربما بدلت .. والراس لي مايدور كدية ..
فسبحان الذي لا يموت هو الباقي سبحانه وتعالى .. الدايم الله .


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.