مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


التداخل بين الرقمي والافتراضي على أعتاب ميتافيرس

مغربنا 1 المغرب

قال عدد من خبراء الواقع الافتراضي والتقنية والأمن السيبراني الذين استطلعت  آراءهم حول الفرص والتحديات التي يحملها عالم «ميتافيرس» Metaverse أو العالم الموازي، الذي أطلقه مارك زوكربرغ مؤسس فيسبوك أن العالم يقف بالفعل على أعتاب الدخول إلى عصر ميتافيرس الذي ستتداخل فيه الحدود الفاصلة بين ثلاثة عوالم هي رقمية وافتراضية وواقعية.

وقال الخبراء إن انتشار الجيل الخامس وزيادة قوة معالجات البيانات تفتح فرصاً كبيرة للواقع الافتراضي في الإمارات التي تعتبر إلى جانب المملكة العربية السعودية أكبر سوق لتقنيات ومعدات الواقع الافتراضي في المنطقة خصوصاً في ظل مبادرات دعم المبرمجين التي أطلقتها الحكومة الإماراتية مؤخراً والتي تؤكد على استمرارية المساعي الحكومية نحو ترسيخ ريادة دولة الإمارات لمجالات التكنولوجيا والابتكار.

ويبلغ حجم سوق الواقع الافتراضي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً حوالي 6 مليارات دولار وفقاً لدراسة بنك «جولدمان ساكس» الذي توقع كذلك أن يبلغ حجم السوق عالمياً 82 مليار دولار بحلول 2025.

وازداد الاهتمام بشكل ملحوظ في تقنيات الواقع الافتراضي بعد جائحة «كوفيد 19»، فيما طرحت 85% من قائمة فوربس العلامات التجارية الأعلى قيمة تجارب واقع افتراضي أو معزّز.

وكان مارك زوكربيرغ أعلن الخميس الماضي عن تغيير اسم شعار واسم شركته «الأم» إلى «ميتا» Meta التي تملك مواقع «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتس آب» وشركة نظارات الواقع الافتراضي «أوكيولوس» التي تملكها الشركة، بالرغم من أن موقع فيسبوك يعاني اليوم من مشاكل حقيقية في كيفية تعامله مع خصوصية البيانات، في خطوة اعتبرها الخبراء مؤشراً قوياً على جدية زوكربيرغ في رسم ملامح هذا العالم المتوقع انضمام مليار شخص له خلال الأعوام العشرة المقبلة.

أهمية متزايدة

وقال دانيال خياط، رئيس قسم المنتجات في «إتش تي سي» HTC الرائدة عالمياً في صناعة أجهزة الواقع الافتراضي إن تقنيات الواقع الافتراضي ستلعب دوراً أكثر أهمية في مستقبل الإمارات خلال الخمسين عاماً المقبلة، خصوصاً مع تاريخ الدولة القوي في الابتكار التكنولوجي، وتطور البنية التحتية الرقمية وريادة القطاع الحكومي في التحول الرقمي، متوقعاً أن تساعد تقنيات الواقع الافتراضي الشركات في العديد من القطاعات خصوصاً التعليم والصحة والتدريب والصناعة والترفيه.

وأضاف: «أعتقد أننا سنرى المزيد من تطبيقات وحلول الواقع الافتراضي في الإمارات مستقبلاً، فعندما تسير في المطار مثلاً، ستمكنك نظارتك خفيفة الوزن من رؤية معلومات عديدة ومهمة في الوقت الفعلي حول رحلتك. والوقت الذي سيستغرقه المشي إلى بوابتك، مع ظهور الاتجاهات في منظورك ورؤية كل شيء بدءاً من مدى انشغال كل مطعم وحتى رؤية أطباق الطعام بنماذج ثلاثية الأبعاد، علاوة على زيادة استخدام نظارات الواقع الافتراضي كمكون رئيسي في أنشطة التدريب في مختلف القطاعات.

ولفت خياط إلى أن الإمارات في وضع مثالي لاستخدام التكنولوجيا المتقدمة، مع عشرات القطاعات التي تتراوح من السياحة إلى الصناعة وما وراءها. في غضون 50 عاماً، ستوفر نظارات الواقع الافتراضي مستوىً جديداً للمستهلكين من السياح وعملاء التجزئة تجارب غير مسبوقة في سلاستها من خلال تجربة المنتجات والفنادق قبل السفر الفعلي وحتى متابعة عرض حي لما يراه أصدقاؤك أثناء ممارسة رياضة الغوص في البحر أو السماء.

تحول الإنترنت

وقال الدكتور جورج قشعمي، مدير مركز البحوث والابتكار والتصميم في الجامعة الأمريكية في دبي إن الإنترنت قد تتوجه تدريجياً وبشكل أكبر نحو عالم»ميتافيرس«، بحيث يكون هذا العالم هو الإنترنت السائد في العالم. وأضاف:»هنالك توجه متزايد وطلب على مشاهدة الأشياء رقمياً ولكن بأبعاد ثلاثية ويمكن التفكير بهذا العالم بأنه «إنترنت متقدم». وأضاف: ابتكارات الواقع الافتراضي اليوم باتت جزءاً من صناعات عديدة منها التصميم والهندسة والتعليم. ونحن في الجامعة الأمريكية بدبي اليوم نقوم بتعليم الطلاب التصميم ضمن البيئات الافتراضية وهي تجربة غامرة للغاية، ناهيك عن توفر الأدوات والعناصر اللازمة للنمذجة ثلاثية الأبعاد. وأعتقد أن الواقع الافتراضي سيحدث زعزعة في مجال التصميم الهندسي خصوصاً لأنه يختصر الكثير من الوقت والجهد.

استهلاك البيانات

وقال أكسل كوبراش رئيس شركة «في آر مادا» المتخصصة في برمجيات الواقع الافتراضي في الشرق الأوسط وأفريقيا إن الإمارات هي الأولى في نضوج تقنيات الواقع الافتراضي، مشيراً إلى أن ميتافيرس سيزيد حجم استهلاك المحتويات الرقمية والبيانات بعشرة أضعاف على الأقل.

وأضاف أن الشركة تقوم بتوفر برمجيات واقع افتراضي متخصصة للشركات والحكومات لاستخدامها لأغراض تدريب الموظفين. وأضاف: «يوفر التدريب باستخدام الواقع الافتراضي إمكانية التدريب بشكل عملي من دون الحاجة لتواجد معدات التدريب، علاوة على أن المعلومات التي يحصلها المتدرب افتراضياً تكون سهلة الاستيعاب والحفظ لأنها تتطلب درجة أكبر من التفاعل واستخدام حواس بتركيز أكبر بالمقارنة مع التدريب الواقعي. وأضاف: حصلت طفرة قوية في استخدام تقنيات الواقع الافتراضي بعد جائحة»كوفيد 19«لأنه لم يعد بوسع عدد كبير من الناس القدوم إلى مكان التدريب والعمل خصوصاً وأن هنالك مهام تتطلب التدريب المستمر مثل العمل في حقول النفط وغيرها، وشهدنا نمواً في حجم الفرص بعد الجائحة بحوالي خمسة أضعاف على الأقل، وهنالك اهتمام متزايد خصوصاً من الجهات الحكومية في استخدامات الواقع الافتراضي. فرص السوق

وأكد ألويسيوس تشيانغ، كبير مسؤولي الأمن في»هواوي«الإمارات، الرئيس المشارك في مجموعة عمل أمن الجيل الخامس أن»ميتافيرس يعبر عما هو قادم بعد الاقتصاد الرقمي«، مشيراً إلى أن الجيل الخامس وزيادة قوة معالجات البيانات تفتح فرصاً كبيرة للواقع الافتراضي في الإمارات التي تعتبر من أكبر أسواق الواقع الافتراضي في المنطقة.

وأضاف أن هذا العالم تتقاطع فيه ثلاثة عوالم هي الرقمي والافتراضي والواقعي، مؤكداً أن خطر الهجمات والجرائم السيبرانية سيزيد بشكل كبير جداً في هذا العالم وهو ما سيجلب تحديات جديدة لقطاع الأمن السيبراني ومن أهمها مشكلة التحقق من الهوية.

وأضاف: سيكون للإنسان تمثيل افتراضي في هذا العالم الافتراضي وهوية رقمية، أي أنك ستكون ثلاثة ولكن واحداً في نفس الوقت! وهذا سيجلب تحديات للحكومات ويخلق مسائل قانونية خصوصاً وأنه ستتم تعاملات مالية في هذا العالم، فماذا قد يحصل لو سرقت هوية الناس؟ وهذا أمر نتعامل معه بشكل مستمر.

وقال تشيانغ إن ميتافيرس لن يقتصر على زوكربرغ وحده بل سيكون هنالك لاعبون آخرون بدون شك في مجال الجيل الخامس والسحابة وبلوك تشين وفنتك أي أن نجاح هذا العالم سيكون مسؤولية مشتركة ولن تتوقف على شركة واحدة فقط.

ونوّه تشيانغ إلى أن عصر ميتافيرس سيجلب معه مسائل»أخلاقية«مختلفة ومتنوعة مثل مسألة تعرض الفرد لكم كبير من الإعلانات في هذا العالم. وأضاف: السؤال الذي سيكون على العالم إجابته هو كيف يمكن خلق قواعد تعامل جديدة في هذا العالم. كيف سيتمكن العالم من حكم مجتمع يتألف من أناس لهم 3 شخصيات اعتبارية مختلفة؟

وجود الطلب

وقال أحمد حلمي نائب الرئيس العالمي ومدير عام»أفايا«في الإمارات إن نجاح»ميتافيرس«متوقف على وجود الطلب، مشيراً إلى أن هذا الطلب موجود. وأضاف:»أصبح العالم الافتراضي واقعاً مستخدماً في الألعاب والنمذجة ثلاثية الأبعاد وغيرها، وقد يختص فيسبوك بتوفير حلول الإعلانات لشركات الواقع الافتراضي في هذا العالم، ولكن اليوم هنالك شراكات في كل مشروع أو حل رقمي ولذلك لن يحتكر فيسبوك هذا العالم، إنما تكمن قوته في الحجم الكبير للمشتركين في هذا العالم.

وأضاف حلمي أن الجيل الخامس وزيادة قوة معالجات البيانات تفتح فرصاً كبيرة للواقع الافتراضي في الإمارات خصوصاً في ظل مبادرات دعم المبرمجين التي أطلقتها الحكومة الإماراتية مؤخراً والتي تؤكد على استمرارية المساعي الحكومية نحو ترسيخ ريادة دولة الإمارات لمجالات التكنولوجيا والابتكار.

أمن «ميتافيرس»

وأكّد أفيناش أدفاني الرئيس التنفيذي لشركة «سايبرنايت» للأمن السيبراني أن «ميتافيرس» سيكون أكثر عرضة للهجمات بالمقارنة مع الإنترنت الحالي بطبيعة الحال لأن مساحة البيانات أكبر.

وأوضح: كما ازدادت الهجمات السيبرانية خلال فترة العمل عن بعد بسبب زيادة المساحة القابلة للهجمات، كذلك سيكون «ميتافيرس» بيئة جذابة للهجمات بشكل كبير خصوصاً أن الناس سيكونون قادرين على إجراء التعاملات المالية المختلفة وتداول الأصول الرقمية على أنواعها. ونتوقع أن تقوم فيسبوك بتغيير قواعد لعبة الأمن السيبراني حين تطلق هذا العالم عبر كل المستويات.

وأوضح أن نجاح بيئة ميتافيرس يتطلب مشاركة العديد من الشركات عبر العديد من مكونات هذه المنصة مثل شركات التكنولوجيا المالية والسحابة والأمن الإلكتروني، مستبعداً أن يكون ميتافيرس هو الإنترنت التالي لأن سوق وأنشطة الإنترنت كبيرة جداً ولا يمكن حده بمنصة واحدة.

10 آلاف وظيفة

أعلنت «فيسبوك» في 18 أكتوبر الجاري عزمها توظيف عشرة آلاف شخص من دول الاتحاد الأوروبي في السنوات الخمس المقبلة للعمل على تطوير عالم «ميتافيرس»، فيما تشير التقديرات إلى أن فيسبوك تنفق حوالي 5 مليارات دولار سنوياً على تطوير «ميتافيرس» منذ 2014. ومنذ مارس الماضي فإن خمس إجمالي موظفي فيسبوك منخرطون بمبادرات الشركة الخاصة بالواقع الافتراضي والمعزّز وعلى رأسها «ميتافيرس» وهو عالم ثلاثي الأبعاد غير موجود يتم التفاعل فيه باستخدام نظارة أو جهاز يتضمن شاشة عرض وأجهزة تحكم تتبع حركة الجسد وتعطي ردود فعل لمسية.



شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.