مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


نور الدين العوفي يكتب:في الحاجة إلى بورجوازية وطنية/بورجوازية الجاه والمال

Maghribona1 Maroc

نشأت الفئة الصناعية المغربية إبَّان الحماية، وترعرعت في كنف البورجوازية الأوروبية، وهي من ثمَّة تحمل، حتى اليوم ، الكثير من جيناتها وقسماتهابورجوازية متوسطة، في الأصل، سواء من حيث حجم الاستثمارات، ووسائل الإنتاج، أو من حيث أشكال التنظيم، والتدبير. “نمط إنتاج كولونيالي، بعبارة مهدي عامل، يقوم، بالأساس، على الاستغلال المفرط لليد العاملة الرخيصة، لا يُفْضي سوى إلىرأسمالية رثَّة” وتابعة، ولا يُنْجِبُ سوى “بورجوازية رثَّة” وتابعة (André Gunder Frank)، تُعْوِزُها تلك “النُّعوت الموضوعية، وتلكالحِلْية الثقافية” المُحدِّدة للبورجوازية التاريخية، والتي جاء ذكْرُها في تدوينة سالفة (et ي25 يونيو 2020).
قبْلها كانت فئة التُّجار التي نمت تحت أنماط الإنتاج الخراجية، والإقطاعية التي عرفتها المجتمعات العربية الإسلامية قبل الحقبة الكولونيالية، والتي تنامت وازدهرت بتعاطيها التجارة البعيدة (أنظر سمير أمين، النمو غير المتكافئ). ما يسم هذه الفئة التجارية هو قُرْبها من السلطة الحاكمة، وعلاقتها العضوية، المطمئنة تارة، والمضطربة تارة أخرى، بأصحاب الجاه“.
لم تتطور الفئتان، منذ الاستقلال، إلى بورجوازية وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بل ظلَّتا مُقيَّدتَيْن بشروط النشأة، إلى أن صيَّرتْهُما العولمة إلى فئة اتِّجارية، مالية بالأساس، هي السائدة اليوم، والمهيمنة على أوصال الاقتصاد، والُمتحكِّمة في شرايينهبين المال والجاه، أي بين السُّلطة الاقتصادية والسُّلطة السياسية، علاقةُ وصلخُضوعُ المال لإمْرة الجاه، وفضْلُ الجاه في حظوة المال.
تسعى البورجوازية الاتِّجارية إلى المال قبل الأعمال، وتستعين بالمُضاربة والمُصانَعة على قضاء الحوائج، والحصول على الريعوالريع في القاموس الاقتصادي أنواعٌ شتَّى، منه العقاريّ (وهو الأصلوفيه نوعان : مُطلق، وتمايُزيّ (ريع الخِصْب)؛ ومنه المنْجَمي (كالنفط والغاز)؛ ومنه الموْقِعى؛ والوظيفي؛ ومنه ريع المضاربة (في الأسْهُم)؛ وأخيراً وليس آخراً، منه الريع الاحتكاريوالاحتكار نوعان : منه العُمومي، ونجده في القطاعات الاستراتيجية، والخدمات الاجتماعية التي لا تقبل المنافسةومنه الخُصوصي، وهو الصِّنْف الذي يقف عائقاً أمام التنميةيقولُ ابن خلدون في الفصْل الخامس من “المقدِّمة“: “وذلك أنّا نجد صاحِبَ المال والحَظْوة في جميع أصْناف المعاش أكثرُ يساراً وثروةً من فاقِد الجاهوالسَّببُ في ذلك أنَّ صاحِبَ الجاه مخْدومٌ بالأعمال يتقرَّبُ بها إليه في سبيل التزلُّف والحاجة إلى جاهِه“.

Maghribona1 Maroc



شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.