مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


نور الدين افاية في حوار قيم حول مفاصل المشهد السياسي المغربي

Maghribona1 Maroc

أجرى “نور الدين أفاية” الباحث المغربي وأستاذ الفلسفة والجماليات الحديثة بجامعة محمد الخامس بالرباط، حوارا قيما مع جريدة لوموند الفرنسية في وقت سابق.

وتطرق الحوار إلى نقاط مفصلية في الحياة السياسية المغربية، حيث لا تزال جل الأفكار المطروحة بالحوار، صالحة لفهم تفاصيل المشهد السياسي بالمملكة المغربية.

هل فوجئت بتعبئة أساتذة الفلسفة؟

كنت سأفاجأ لو لم يحتشد أساتذة الفلسفة للتنديد بانزلاقات كتب التربية الإسلامية الجديدة. وهذا يثبت أنه في المغرب، وعلى الرغم من التيارات الرجعية، لا يزال هناك مدافعون عن الفكر الحديث، بما في ذلك الفلسفة.

كيف تفسر التوتر المتكرر بين الفلسفة والعلوم الاجتماعية من جهة، والمجال الديني من جهة أخرى؟

الفلسفة، كتخصص وموضوع للتعلم، هي ثمرة النظام التعليمي الذي أدخلته سلطات الحماية الفرنسية للمغرب [من عام 1912 إلى عام 1956]. في الواقع، لم يتم تعريبها حتى منتصف السبعينيات. إن التوتر بين الفلسفة والمجال الديني ليس خاصاً بالحالة المغربية.

ولكن لا بد من القول إن التهجم على الفلسفة في المغرب يمكن تفسيره بعدة عوامل منها الخوف والمقاومة من طرف الدوائر المحافظة ضد أي فكر حديث يعلم الحرية والشك ومبادئ المحاججة بل أصبح تدريس الفلسفة رهانا من رهانات السلطة الكبرى.

من المسؤول عن هذا التوتر؟

يرجع الخطأ إلى السلطة السياسية التي جعلت من النظام التعليمي، بعد استقلال البلاد، جبهة لمواجهة التيارات الحداثية للنخب والمجتمع المغربي، بدلاً من جعله رافعة للتنمية والتقدم.

تذكر في كتاباتك أن الفلسفة كانت تعتبر “خطيرة” وحوربت رسميا ً خلال “سنوات الرصاص” في عهد الحسن الثاني. هل لا يزال هذا هو الحال؟

خلال “سنوات الرصاص”، حاربت كل من السلطة والأوساط والتقليدية بقوة الفلسفة والعلوم الاجتماعية والإنسانية. ومع ذلك، قاوم المثقفون المغاربة، من خلال اقتحامهم المؤسسات الثقافية ومن خلال الممارسات التربوية والتوعوية.

خلال عدة سنوات، كانت السلطة السياسية تعتقد أنها يمكن أن تتصدى للمهارات النقدية للفلسفة من خلال تشجيع الأسلمة والاتجاهات المحافظة وعندما اختار الملك محمد السادس خطاباً حداثياً، وجد نفسه أمام معارضة تمثلها مختلف التيارات الإسلامية التي برزت بوضوح في أوائل التسعينيات.

كيف عشتم هذا البروز لإيديولوجية الإسلام السياسي في المغرب، بما في ذلك في الجامعات؟

هذه قصة صاخبة. عندما قررت السلطات توسيع الخريطة الجامعية في الثمانينيات، تم بناء جامعات جديدة، ولكن كليات الآداب والعلوم الإنسانية كانت تفتقر إلى أقسام الفلسفة.

وبدلاً من ذلك، تم افتتاح أقسام جديدة لـ “الدراسات الإسلامية” وتصميمها ودعمها من قبل ممثل رسمي للوهابية المغربية. صحيح أن الدولة سمحت آنذاك بفتح أقسام الفلسفة في الكليات الجديدة، ولكن في ظروف بالغة التوتر والصعوبة بسبب التكوين الأيديولوجي الجديد الذي اتسم بالحضور القوي للإسلام السياسي.

ما هو الدور الذي يلعبه الإسلام الرسمي، الذي يضفي الشرعية على السلطة الملكية، في “معركة القيم” هذه؟

الإسلام يضفي الشرعية على السلطة في المغرب، ويزعم الخطاب الرسمي أن الإسلام منفتح ومتسامح، ولكن التطبيق يتسم بانزلاقات لا يمكن السيطرة عليها في كثير من الأحيان. والذين يفترض أن يترجموا هذه الخطب إلى برامج وأفعال عامة، هم أنفسهم مخترقون من طرف تيارات لا تتردد في إضفاء الطابع الأيديولوجي أو حتى “أسلمة” الوظيفة التعليمية والتربوية.

أطلق الملك إصلاحاً لمناهج التعليم الديني، تم تحت رعاية المجلس العلمي الأعلى . ومع ذلك، فإن هذه المؤسسة تهيمن عليها القراءة التقليدية ، إن لم تكن سلفية القراءة التقليدية هي الغالبة داخل فئة العلماء. ولكن هناك أيضاً حساسيات ومقاربات تفسيرية مختلفة للمجموعة الدينية في الهياكل المؤسسية التي تدير “رأس المال الديني” في المغرب. وينبع القلق من عدم يقظة السلطات المشرفة على البرامج. وقد عملوا على وجه السرعة على تعديلها، مما سمح بتسرب التلاعب المنحرف، لا سيما فيما يتعلق بالفلسفة وعلى نطاق أوسع بكل ما هو تفكير نقدي.

يزعم الإسلاميون أنهم انتصروا في المعركة الأيديولوجية. هل خسرت الفلسفة والتفكير النقدي عبر الغياب عن الموضة؟

الفلسفة تكافح دائما لانتزاع شرعيتها ومصداقيتها. المغرب هو البلد الوحيد في العالم الذي يُدرّس الفلسفة ثلاث سنوات قبل البكالوريا. هذا الإنجاز هو نتيجة نضال الأساتذة لأن أيديولوجية الإسلام السياسي موجودة أيضاً وتساهم إلى جانب القوى السياسية والاجتماعية الأخرى في سحبنا إلى الأسفل.

أساتذة الفلسفة هم بؤر مقاومة ضد الغباء والتراجع والتنميط الفكري . ولحسن الحظ، بدأت تظهر مساحات للتعبير وتعلم التفكير النقدي، سواء من خلال وسائل الإعلام الرقمية أو في مساحات المعيشة الثقافية التي تخرج عن سيطرة مختلف أشكال الرقابة.

Maghribona1 Maroc



شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.